مجلات

المنهاج أول مجلة محكمة لوثائق ومخطوطات الإباضية

المنهاج: دوريّة علميّة متخصّصة في مخطوطات الإباضيّة ووادي مزاب وفي وثائقهما الأرشيفيّة

إنّ التراث الإنسانيّ المخطوط هو أرقى امتدادات ماضي الإنسان في حاضره، إذ هو صورة حياته العقليّة الماضية؛ فإن اهتمّ به، وأحسن محاورته علميّا أمكنه تقليص هامش الوهم والأسطورة الذي يشوب تاريخه، بفعل النسيان، وبما ينسجه الخيال والعاطفة، إلى الحدّ الذي يثري حياته الروحية، من غير أن يجني على المعاينة العاقلة له.

ومحاورته علميّا تعني فيما تعنيه، السعي إلى الكشف عنه على ما هو عليه، من غير قصد إلى التعتيم على جانبه المظلم، أو مبالغة في إنارة جوانبه المشرقة؛ ومن غير إسقاط القناعات الحاضرة عليه، وطلب ما يدعمها فيه؛ وذلك بأن نسعى إليه بقصد جدّ متواضع هو طلب المعرفة، فنوثّق ونفسّر، ولا نتسرّع في إصدار الأحكام؛ وكم للإنسان في ذلك من متعة، وكم من علم وحكمة يجنيهما من خبرة أسلافه.

ولعلّ أهمّ ما نستفيده من هذه المعرفة هو أن نحيا حياتنا في انسجام مع ذواتنا التي تحمل هذا الماضي بشكل أو بآخر، والذي إذا صادمناه على نحو من الأنحاء، أفرز مقاومة، تفقدنا استقرارنا النفسيّ والاجتماعيّ؛ كما أنّها مفيدة في مدّ جذورنا الروحية والعقلية، فنأمن من التيه في حاضرنا ومستقبلنا عند وصلهما بماضينا، واستفادتنا الواعية من تجربة الأسلاف.

إنّ “المنهاج” دوريّة علميّة متخصّصة في المخطوطات والوثائق، هدفها الأسمى الإسهام في هذا الجهد العلميّ والواعي اتّجاه التراث الإنسانيّ المخطوط في مختلف أنحاء المعمورة؛ وتختصّ بمخطوطات الإباضيّة ووادي ميزاب، وبوثائقهما الأرشيفيّة، لأنّ هذا التراث الإنسانيّ الثريّ، ما زال جزء كبير منه في الظلّ، وفعالية الجهد تقتضي التخصّص.

وقصدا منّا إلى ربط هذا الجهد الجديد بجهد من سبق في مضمار خدمة هذا التراث، ووفاء لهم، اخترنا لها اسم مجلّة أحد روّاد خدمة التراث الإباضي البارزين، إن لم يكن الرائد وحسب، وهو الشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش الجزائريّ (1888-1956)، وقد صدر العدد الأوّل من مجلّته “المنهاج” في فاتح محرّم سنة 1344هـ، الموافق ليوم 22 فيفري 1925م.

لقد تعطّل إصدار العدد الأوّل من هذه المجلّة سنة بعد أخرى لأسباب عديدة، منها جناية تخصّصها عليها، إذ إنّ ناهجي هذا المجال من التخصّص قلّة قليلة، وما منهم من أحد إلاّ وهو متنسّك في صومعته، يبذل الجهد الجهيد، لينتج عملا علميّا رزينا، في مستوى الأمانة التي يضطلع بها؛ وإذا أمكن للمجلّة أن تمدّ جسور التواصل فيما بينهم، وأن تغري ذوي الكفاءات بسلوك هذا النهج، فإنّ في ذلك تحقيقا لجزء مهمّ من رسالتها.

قصدنا من العدد الأوّل أن يكون نموذجيّا، يبيّن مختلف الأبواب التي ستجتهد المجلّة في الالتزام بها، في أعدادها القادمة، إلاّ فيما يخصّ تحقيق النصوص إذ لم نحصل على تحقيق متميّز يكون فاتحة هذا الباب؛ لأنّ الهدف من ذلك تحديد المسار من جانب، وتعيين نوعية العمل المرغوب فيه قدر وسعنا وطاقتنا من جانب آخر.

إنّ مجلّة “المنهاج” هي مجلّة العلماء والمتخصّصين في هذا المجال المعرفيّ، ورجاؤنا فيهم أكيد ووطيد أن يزوّدونا ببحوثهم ومقالاتهم فيه، ممّا هو من البحث العلميّ في اللّباب، من حيث الالتزام الصارم بقواعده، وبخاصّة فيما يتعلّق بالأمانة في نقل النصوص؛ ومن حيث تقديم معرفة جديدة لا مكرورة، والقصد في بنائه الفكري وفي صياغته إلى صميم الموضوع؛ ومجلّة “المنهاج” تكفل لهم بعد ذلك احترام آرائهم ووجهة نظرهم في أيّ موضوع يطرقونه، إذ لا وجود لخطّ افتتاحيّ فيها سوى العلم والحقيقة العلميّة، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.


minhaj

جمعية الشيخ أبي اسحاق أطفيش لخدمة التراث.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. بعد التحية والسلام يشرفني أن أتقدم إليكم إخواني الأفاضل بتهاني القلبية الخالصة بمناسبة صدور العدد الأول من مجلة “المنهاج” العلمية المتخصصة، فهنيئا لكم ولنا جميعا هذا الإصدار العلمي المتألق، ونسأله تعالى أن يبارك في أعمال الساهرين عليها وأن يتقبل من الناشرين فيها، كما نسأله تعالى أن “يتقبلها بقبول حسن وأن يُنبتها نباتا حسنا”، وأن يجعلها خليفة أمّها “منهاج” الشيخ أبي إسحاق رحمه الله ورضي عنه.
    نحمده سبحانه وتعالى ونشكره على نعمة الهداية والتوفيق، هذا وإنَّ مَكمَن سعادتنا بصدور مجلة “المنهاج” لابد أن يرجع أولا بشكر الله العلي القدير بأن وفق إخواني في الجمعية وأخذ بأيديهم نحو المعالي والمكرومات، وإني أسأله تعالى الحفظ والعناية، ثانيها: أن شمّرت هذه الجمعية الطيبة على ساعد الجد منذ زمن غير يسير، وسارت بإخلاص في خدمة التراث والمخطوط، حتى فتحت لنا مشكورة مأجورة هذه النافذة المشرقة التي سيطل من خلالها أفواج الطلبة والباحثين على جزء مهم من تراثنا الإباضي الماجد تعريفا وتوثيقا، ويقدموه للعالم الإسلامي والبشرية خلاصات وتحاليل، ودلائل وبراهين، وعبرا وعظات.. ويغترف منه الطلبة والباحثين الناشئين جليل الدروس، فلله درّكم من أوفياء وأصفياء.

  2. عمل جبار يستحق كل التشجيع هذه هي الثورة الحقيقية لمجتمعنا الإباضي المنعزل عن العالم الخارجي اللذي بدأها في صدور أول كتاب للأعلام الأباضية والآن يليه مخطوطات الإباضية بهذه الأعمال نواكب عالمنا الخارجي المليئ بتحديات التي تعرقل شبابنا اليوم ولهاذا حان الأوان
    لتفتخرو يا أجيال الصاعدة ولترفعو رؤوسكم عالية فإنكم موجودون ولكم تاريخ جميل ومشرف وعليكم الآن أن تتعلموا وتعملو وتطبقو بكل جدية ونشاط لتتركو آثارمشرفة ليفيدبه عالمنا ويفتخربه أجيال التي تأتي من بعدنا ليعملو به بكل الطمأنينة وراحة البال لمنهجه القرآني النظيف الصافي الخالي من التناقضات فأنتم الآن مسؤولون ولا حجت لكم بعد الآن من العزلة والشك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى