أنفاس قلم (08): سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم … “إضافةٌ إلى قائمة الأصدقاء” أو نقرة “إعجاب” واقتداء

من على خشبة مسرح التّاريخ التّليدة مرّت علينا تِباعًا شموس شخصيات تفرّدت بفكرِها وشخصِها، وسطع نجمُها الأبلج في قلوب مريديها وأتباعهِا، واستطاعت أن تُخلِّد بما حباهَا الله من نعمةٍ بصماتها في سجلّ الزّمن بخيوط مذهّبة بهيّة… غير أنّها وكَحَال أيّ كوكبٍ عجوزٍ كان لابدّ لها من نقطةٍ انتهاء وضمورٍ، فخفُتَ قبس عطائها وقلّت ينابيعُ مريديهَا وانحصرت التآليف والسيّرُ الصّادحةُ بعقولها وخُلقِها وأثرِها، فتمعَّنْ في صفحة سماء الدّجى الكحلاء ترى أنوار نجومٍٍ وأقمارٍ تأفلُ ويخبُو نورهاَ، وأخرى تُعلن عن مخاضِ أفلاكٍ جديدةٍ في فضاء الإنسانية…
انتظر برهةً … أعِد النّظر من جديدٍ … هل ثَقِفتَه؟ نعم ذلك ما كنتُ أبغي أن أشير إليه… نورُ شمسٍ لم يخفُت منذُ ظهورهِ البتّة، يحومُ حولها أتباعٌ عطْشَى، عَطشَ الفراش لِنُور مِصباحٍ في حِلكة ليلة صيفٍ ساحرة، في ضيائِها أشّعةُ حِكمة فائضةٍ وخلُقٍ سماويٍّ فاضل، بمجرّد أن يطأ النّفوس المتشوّقة إليه حتى يُرفرف بها على جناحيه إلى قمم الرّوح والوجدان، ويجرّدها من ثوب الجسد البالي المهترئ… لو أطنبتَ في النّظر وأطلتَ، فإنّك لا محالة ستقرأُ حروف هذا الكوكب الدرّي البيّنة للعيان، والمنقوشةِ بجلال: “محمّد صلّى الله عليه وسلّم … منقِذُ الإنسانيّة “.
لقد صنعَ ذو الخُلُق العظيم الاستثناء والفرق بأريج هديه الطّيب، الذي جاء جامعًا ومكمّلا لرسالات الرّسل من قبله، ولا يزال البَشَر الذين تصالحت قلوبهم وعقولهم أينماَ كانوا في هاته المعمورة يتوافدون فرادى وجماعاتٍ للارتواء من معينِ سيرتِه النّموذجية وحياتِه القُدوة الحسنة، ويشهدُ العالم يومًا بعد يومٍ دلالات عظمةِ هذا الإنسان – الرّسولِ- تتفجّر في نفوسِ الباحثين والمنقّبين الصّادقين عن فِكره الفريدِ شرقًا وغربًا، وبخلاف شخصيات الزّمان العظيمة فإنّ أرقام أتباعِ ومحبّي أشرف الخلق عليه الصّلاة والسّلام في ارتفاعٍٍ مبشّرٍ ومتزايدٍ…
فأين أنا وأنت أخي الطيّب من هؤلاء الأتباع الفاهمين لسيرته، والحريصين على اتّباع منهجه وتجنبّ الحيْد عنه بقيدِ أُنملةٍ صاغرة؟
قد يبدو عنوان هذه الكلمات “هجينًا” نوعًا ما ولا ضير في ذلك، فالمقصدُ من ورائه استحداثُ وسائلَ وطرق تمكّننا من الغوص والحفر عميقًا في قلوبنا المغشّاة بحثًا عن آبار الحبّ لهذا الشّخص العظيمِ، حداثة بعض المفاهيم الغصّة التي أُورِثنَاها والتي اختزلت حياتنا في بعض الأزرار الزّرقاء الغبيّة، وما أجدُ أثلج للصّدر من بعض مبادرات الشّباب الأغرّ في المسارعة إلى التّعريف بخطى الحبيب صلّى الله عليه وسلّم بمشاريع تناطحُ أسقف الوعي والجودة، فهلمَّ بنا أخي وأختي نُعلنها بدايةَ رحلةٍ آسرة في مكنوناتِ أخلاق مخرِجنا من ظُلمات الجهلِ والضّياع، ونتّخذ من دقائق عُمرنا المتسارعاتِ دربًا للمجاهدة في حبّه ابتداءً والتأسي به نتاجًا، فحبّهُ عليه الصّلاة والسّلام سيّستدرّ فوق رؤسنا غمامَ المعرفة ورقيّ الفكر من لدن العليم جلّ وعلاَ، وسيؤنسُ أفئدتنا برفقةٍ سماويّة مباركةٍ تبلّغنا بإذنه ضفاف أنهار العشق والتّوق الفرات، ومن جديدٍ أوجّه نفسي وإيّاكُم قِبل الكتابِ، فهو الذي سيغدو بأيدينا إلى حقّ معرفة سيّد الأنامِ، وهو الأجدرُ بإيقاد جذوة شوقٍ مستعرةٍ في قلوبنَا إلى لقياهُ صلّى الله عليه وسلّم، لنقاربَ ولو بقدر يسير جبال الشوق التي أسرّها البشيرُ إلى صحابته الأبرار حين قالَ: “اشتقتُ لإخواني”.
عمر بن إبراهيم بوغالي