ما ذنبي أنني أنثى؟
ظل الهاتف يرن كثيرا قبل أن يجيب بامتعاظ: – نعم.!
ردت بصوت متقطع: أهلا أخي..
نعم، خيرا ماذا تريدين؟!
أحتاجك، أريدك أن تأتي لاصطحابي للمنزل..
أي منزل؟.. – أريد أن آتي عندكم لمنزل والديّ، قد تعبت حقا ولم أعد قادرة على التحمل أكثر.
وبنبرة حادة جدا يجيب: وماذا ستفعلين عندنا؟!
أليس ذلك بيتي ومنزلي أيضا؟!..
نعم كان كذلك قبل سنوات أي قبل زواجك، أما الآن فلا، أنت تعيشين بأفضل حال وزوجك قد وفر لك كل سبل الراحة فلم قدومك وشكواك؟!
-أخي أنت تعرف كل شيء فرجاءا تعال لاصطحابي لو سمحت.
أعتذر منك أختي لايمكنني ذلك!!.. -ويقطع الإتصال-
كانت هذه الحادثة التي أفاضت الكأس.
قالتها ودموعها الحارة تنهمر على خذيها: “ماذنبي أنني أنثى!!!”
لازلت أتذكر حواري مع جدتي وأنا بنت 8 سنوات حين عبرت لي عن فرحتهم عندما ولد أخي وكيف أنهم ذبحوا له العقيقة وأقاموا على شرف قدومه الولائم واستضافوا القريب والبعيد الجيران والأصدقاء..
ولسذاجتي سألتها ماذا عني حين ولادتي؟ أجابتني لا نحن لم نفعل لك مثله لأنك أنثى إلا أننا فرحنا لقدومك لأنك البكر!.
حينها بقي السؤال عالقا: ماذا يعني كوني أنثى؟
لم أكن أعلم أن لذلك تبعات، وأنها أشبه بلعنة ستطاردني مدى الحياة.
وتذكرت خطوبتي وزواجي الذي لم يكن لي فيه رأي. أذكر فقط أني سمعتهم يتهامسون بينهم نحن أدرى بصلاحها.
بوقتها ظننت أن البنت لن تشعر بقيمتها حتى تتزوج، فلم تسعني أحلامي التي رسمتها حينها، والتي ضاقت وضاقت حتى تلاشت تماما فلم يعد عقلي يرسمها أبدا منذ تزوجت!! فصار مطلبي الوحيد راحة نفس وبال تمكنني من التنفس والعيش بهدوء فقط.
ألهذه الدرجة صرت ثقلا على الجميع!؟
هل يرضيكم أن أستغنى عنكم؟
هل تريدون أن أضل ساكتة أتقبل كل مايمارس علي من ظلم وإهانة ووصاية؟
أين عمر ليقول: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا!!”
أيرضيكم أن أعيش تحت إمرتكم؟
ترى كيف سيكون حالي؟ ترى كيف سأربي أبنائي؟ من أين لي بالقوة لأعلمهم إياها؟
كيف عساي أعلمهم أن يكونوا خلفاء لله في الأرض؟ وأنا لم أوقف الظلم الذي حرّمه الله على نفسه وجعله بيننا محرما!؟
أتساءل كيف سأصد المغريات التي تحيط بي من كل جانب ولم تمنح لي فرصة قول لا، فكيف سأقولها لها؟؟
بربكم ماذا تريدون مني وماذا تنتظرون مني؟
أب تخلى.
أخ تهرب.
أم مغلوب على أمرها.
زوج ظلم واستقوى بإهمال أهلي.
مجتمع منقسم بين واعظ ومتفرج ومتصيد!
بترتم أجنحتنا قصصتم ألسنتنا مارستم الوصاية على عقولنا. لست أدري كم يمكن لي أن أصمد.
أعلم أن الله سيحاسبني إن أخطأت، وأذكركم أنه لكل منكم نصيب لامحالة..
و أقولها حسبي الله ونعم الوكيل.
كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته…
أم مريم