أخبارإصداراتمؤلفات

مؤلف جديد للأستاذ طه كوزي بعنوان “شروق وغروب”

من سنن الكون تلازُم الشروق والغروب وتماثُلهما؛ فإذا انبلج الفجر بعث الشفقَ شاهدا مبشّرا، وإن حلّت ظلمةُ الليل، واحلولك الزمان والمكان؛ أرسل الغسقَ رسولا نذيرا؛ وبالرغم من تماثل مشاهد “الشفق” و”الغسق”؛ إلا أن الأول يحمل في رحمه جنين الفجر الصادق، وإشراقة الحضارة وتباشيرها، أما “الغسقُ” فتُثقِل كاهلَه ظلماتٌ كالحة، وعتمةُ ليل جاثمة مستحكِمة، فتزحزُح قرص الشمس نحو الأفق ورُفولُه في كبد السماء مبشّر بالحياة، والإبصار، والسعي الحثيث؛ أما أُفوله إلى مستقرّه في مغرب الشمس: مؤْذن بليل بهيم، وبرزخ حضاري كئيب… فمن قدَر الله أنّه إذا ما اشتدّت حُلكة الليل آذَنت بفجر جديد، وشروقٍ وليد؛ ومهما جنّ الليل وطال إبهامه؛ فإنه قابلة حكيم لجنين الفجر الصادق الواعد

أوانَ الغسق، وفي لحظات الشف1ق، وأمام كآبة الغروب، وبشاشة الشروق؛ يظلُّ قلب المؤمن في تمام “التسليم لله”، والثقة في الله: أملا ورجاء، فعلا وعملا؛ فلا يخلد إلى الأرض ولا يركن إلى التفاؤل الساذج وإن انبلجت أسارير الكون وبَسَمَت: إذ “إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون”، ومن جهة لا ينجرف إلى اليأس والقنوط؛ مهما احلَوْلَكت الآفاق وأظلمت: “ولا تيأسوا من رَوح الله إنه لا ييْأس من روح الله إلا القوم الكافرون”: إنه “التسليم لله”: سيد الحِكم الإنسانية، وبؤبؤ الإيمان، ومعقِد الرهان.

تمرّ على الإنسان ودأْبه فتن ومحن، أحداث وحوادث، وتسرّي عن نفسه هِباتٌ ومنحٌ؛ تحثُّه على التأمل والنظر، وتحرّكه إلى التفكُّر في أسبابها، وتدفعه إلى التموقع وفقها وتحديد دوره وفعله في ظلّها: من حال محاضن التربية وبناء الإنسان في أوطاننا؛ إلى الأزمات الاقتصادية، ومن الثورات والانتفاضات هنا وهنالك، إلى دور العالِم وقدرة العِلم السوي على مواجهة منطق المصلحة والاستخفاف.

يرسم هذا المؤلَّف مسيرة “قلم” يتدرج في مدارك الفكر والتحليل، وسيرة مبتدِئ يستحِثُّ خطواته الأولى على شُطآن الفهم، والمعرفة، والإدراك، لا يعرف أمُخطئ هو فيما يخطّ أم مُصيب؛ لكنّ كل ما بوُسعه: استفراغُ وُسعه: تحليلا وتركيبا، ومراجعة النفس؛ تارة تأنيبا وتارة تأدُّبا وتأديبا، يفقَه أنْ ليس بمقدور المرء أوان الفتن والأفول، وغروب نور الحضارة واغترابه؛ أن يأتي بالشمس من مغربها، بل كلُّ المراد أن تبقى “جذوة المعنى” متّقدة؛ فينفُخ الحياة دقائق بل ساعاتٍ في رحِم “الفكرة-الجمرة” ليلتفّ حولها “أصحاب الهمّ الواحد” أوان القَرّ، علّ “القدَر الحكيم” يكتب للجمرة الحياةَ؛ فتصيرُ جِذوة، ويَنسَأ لها في أجلها لتصير للحضارة قبَسا؛ مهما ذرتها الريح، وعبثت بها في يوم عاصف.

لهذا الكتاب عشرة مداخل متنوعة والمواقع؛ متداخلة تداخل الحياة وتركيبها، تعكس فترات زمانية متلاحقة ومواضيع فكرية متنوعة متلوّنة؛ إلا أنها حريصة كلّ الحرص أن تصدر من نفس المنطق، وأن لا تحيد عن منظارها الذي ترمق به عوالم الأحداث والأشياء، وتبصر به عوالم الأشخاص والأفكار.

ففي أولاها سياحة فكرية في الزمن والذاكرة أولاهما إلى المغرب الأقصى وثانيهما إلى القسطنطينية مهد الحضارة وأس الخلافة ووقوف عند العبر واستجلاء للمعاني والخيارات، وفي القسم الموالي نظرٌ وتأمل في مباحث فكرية محورية من الذاكرة الجماعية، وعوز المسلم اليوم إلى منظومة فكرية متماسكة، وحديث عن الأزمة المالية العالمية التي رسمت البسمة في شفاه الأغنياء الجدد وهم قِلة، وخطّت بالأحمر قائمة الفقراء الجدد وكم هم من كثرة…،  وفي صفحات هذا القسم نظرٌ ممحِّص ومتفكر في المنطلق القرآني الذي يُعد شفرة الانطلاق، وشرط الانعتاق.

في القسم الثالث خلاصة جلسات حوارية مع كلٍّ من الدكتور “عبد الحميد أبو سليمان”، والأستاذ “طارق رمضان”، والتي تميّزت بحميميّتها، وأفصحت عن حِلم هؤلاء الأعلام وصدقهم واستقامتهم على خياراتهم التي ارتضوها خطا ومنهجا، أما القسم الرابع فكان حديثا عن اليهودية؛ باعتبارها ظاهرة إنسانية مركبة في أمس الحاجة إلى التحليل والتمييز عن الصهيونية، تلا هذا القسم حديث عن الغُربة التي هي قدَر كل فكر أصيل، وبسْط فيما تعُج به روح الغربة من أحاسيس وعواطف، وكيف أن اجتماع أصحاب الهمّ الحضاري الواحد هو السبيل الوحيد إلى فكّ شفرة الغربة، وتنفيس كُربة المغترب الغريب.

أما في القسم اللاحق فحصٌ لمخابر بناء الإنسان في أمتنا، ونظر في واقع محاضن التربية وبناء الإنسان في أوطاننا؛ إنها آهة، وأنة، وصرخة علَّ جنود الإدراك وأطباء المعنى يثورون، والزرع بتفان وإخلاص يبذرون… وفي القسم السابع رحلة في بساتين المعرفة وأصولها، وبحث في الخصائص والشروط؛ وتأمُّلٌ في “مفهوم العلم” و”دلالة العالم وخصائصه”.

تأخذنا الأحداث في فُجأة وعجالة إلى تأمُّل واقع المسلمين في السياق الغربي، وتحدياتهم، وآلامهم، وآمال أبنائهم فنبحث عن فعالية أكبر، وحضور أعلى، ونفسح لها قسما رحبا في هذا الكتاب؛ مستأنسين بفكر عالم عايش هذه الأزمة وخبرها وهو الأستاذ: “طارق رمضان”، وفي القسم التاسع حديث القلوب للقلوب، واستجماع لرسائل قلبية ورقائق، نثرتها مناسبات إيمانية على هذه الأوراق؛ وفي خاتمة الكتاب صدى لحراك ركْب من الباحثين عن المعنى في حلقات فكرية على مر ثلاث سنوات من: المطالعة، والنظر، والتعلُّم، والتحلُّم.

“الحبُّ” كلمة السر، وعطرُ المكان، ومفتاح الجَنان؛ ارتأيناه لهذه المحاولة الفكرية مَدخلا، وألفيناه لأسوار المعرفة وقلاع العلم بابا ومُدخلا، إنه الحب “ترمومتر” الحضارة، و”كلمة السر” التي تبدّد حُلكة الغسق، وتفكّ شِفرة الغروب والأفول، وتُرسل تباشير الشفق؛ إنها تجعل القلب والعقل مسلِّما لله: مؤمنا لا متمردا، فاعلا لا قانطا خانعا؛ مهما احلولك الزمان وتبدّل المكان.

أ. طه كوزي

معلومات الاشتراك والحصول على الكتاب
الإصدار الرابع ضمن خدمة “كتابك”:
كتاب: “شروق وغروب”
تأليف: الأستاذ طه كوزي

متوفر في كل نقاط البيع (الدال على الخير) عبر التراب الوطني.
*للراغبين في الاشتراك يرجى الاتصال بـ:
رقم الهاتف: 556.300.313 (213+)
البريد الإلكتروني: info@kitabook.net
العنوان: حي قعلول رقم:665، برج البحري، الجزائر العاصمة، الجزائر.

المصدر: فييكوس.نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى