شخصيات خالدة

الطبيب الحكيم بابا عمر جلمام عبد الرحمن رحمه الله

ولد بابا عمر جلمام عبد الرحمان بن محمد بن إبراهيم بتجنينت (العطف) ولاية غرداية في 01 سبتمبر 1923م

والدته السايح شيخة بنت عبد القادر

زاول تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه تجنينت بالمدرسة القديمة، ثم واصل تعليمه في مدينه المدية الى أن تحصل على شهادة البكالوريا الأولى، ثم توجه سنة 1947 بالباخرة إلى مدينه Montpellier الفرنسية رفقة زميليه السيد عروه (طبيب معروف في الجزائر) وزميل آخر من محل والد الدكتور بحي بلكور بالعاصمة، وقد درس هو وزميليه في اختصاص الطب.

واصل دراسته لمدة سنة كاملة وتحصل على شهادة الباكالوريا الثانية. ثم توجه إلى مدينة ليون حيث درس في كلية الطب والصيدلة ليتخرج بدكتوراه في الطب يوم 3 جويلية 1954م برسالة تحت عنوان:

23 Iléocystoplasties pour cystite tuberculeuse rebelle à la néphrectomie

وبذلك كان أول طبيب جزائري في الصحراء، وكان الفضل في تشجيعه على الدراسة لوالده وللسيد إبراهيم حجوط من قصر بني يزجن، الذي كان ممثلا للمزابيين بالعاصمة وقتها أين تلقى منه التشجيع، وكان خلال مساره الدراسي متميزا ومتفوقا.

عند نهاية مشواره الدراسي عاد إلى مسقط رأسه وفتح عيادة طبية خاصة بمركز مدينة غرداية في الشارع الرابط بين المحكمة ومحطة الحافلات، حيث كان يعالج المرضى من كل نواحي المنطقة وكان يتنقل بصفة منتظمة لعلاج المرضى في مدينتي بريان والقرارة بسيارته من نوع Jeep ثم سيتروان 2Cv.

كان طبيبا بارعا سريع التشخيص لما يعانيه مرضاه كما كان متميزا في علاج الأطفال الصغار الذين كانوا يموتون بكثرة في تلك الفترة بسبب نقص العناية الصحية ونقص الوسائل، حيث كان الإسهال من أسباب وفاتهم، وكان تصرف بعض من الأمهات هو التوقف عن إعطاء المياه للأطفال مما يؤدي إلى وفاتهم بسبب الجفاف وكان العلاج الذي يصفه لهم هو تقديم مستخلص غليان الأرز وكذا المياه المعدنية Evian.

خلال ممارسته لعمله كان له اتصال بالثورة في المنطقة وكان يساهم في علاج المصابين من الثوار في بلدة تجنينت حيث كان يعالجهم في البيوت فكان يغير مكان العلاج من مرة إلى أخرى خوفا من تفطن المستعمر، وذلك بمساعدة المجاهد الحاج عيسى محمد بن بلحاج، حيث كان الدكتور يقوم بمعاينة المصابين وجراحتهم ويتولى السيد محمد علاجهم وتضميدهم، كما كان يعالج الثوار في مدينة القرارة بإشراف من الشيخ بيوض والشيخ القرادي، كما اشتغل معه أحد من قيادة الثورة بالمنطقة مساعدا له وكانت طريقة ذكية للتمويه حيث كان يتنقل معه بحرية دون إثارة شكوك. كما كان يساعده السيد زرقون صالح الذي كان على اتصال معه، ويحكى أنه أحيانا حينما يتنقل الدكتور إلى مناطق بعيدة لعلاج الثوار كان يترك سيارته للسيد صالح ليتنقل بها حتى يوهم المستعمر وأعوانه أن الدكتور موجود في بيته بتجنينت.

وتمكن الدكتور من كسب ثقة الحاكم العسكري بمدينة غرداية ويتحصل من عنده على معلومات هامة تخص تحركات المستعمر ومخططاته ويقوم بنقلها إلى الثورة والمجاهدين.

عندما أحس بأن المستعمر بدأ يتفطن إلى نشاطاته وعلاقته بالثورة أخبر والديه سرا أنه سيتنقل خارج مدينة غرداية ليلتحق بالثورة في الجهة الغربية للبلاد، وتنقل إلى نواحي بلعباس وبشار وما جاورهما حيث شارك في علاج الثوار، ثم تنقل إلى فرنسا عبر المغرب حيث التحق بالثورة بالمهجر، وكان له دور في تمويل الثورة بين فرنسا وسويسرا حيث كان يتنقل بسيارته الخاصة.

ويذكر أخوه أحمد الذي كان يدرس بفرنسا وقتها أنه اصطحبه مرة إلى سويسرا للتمويه ولم يكن يعلم أنه ينقل أموالا وثائق تخص الثورة، وكان الدكتور كتوما لا يحكي عن أعماله وعن نشاطاته.

بعد الاستقلال عاد الدكتور إلى الجزائر واستقر بالعاصمة حيث فتح عيادة طبية بشارع ديدوش مراد لعدة سنوات ثم استقر لمدة بمدينة حمام بوحجر بغرب البلاد حيث اشتغل هناك.

كان الدكتور إنسانا طيبا محبا لعائلته يتواصل معهم باستمرار متواضعا يحب تقديم النصح للناس خاصة في مجال الطب والصحة وكان محبا لعمله يحب مساعدة الغير وساهم بشكل كبير في علاج الكثير من الحالات المستعصية، كانت تربطه علاقات طيبة مع أعيان بلدة تجنينت ومنطقة مزاب وفي مختلف مناطق الوطن التي تنقل إليها، وكان عصبي المزاج لكنه كان طيب القلب حنونا.

توفي رحمه الله يوم 12 جوان 1981م بفرنسا بعد عملية جراحية في القلب وتم نقله ودفنه بمسقط رأسه في بلدة تجنينت (العطف) ولاية غرداية.

رحمه الله وتغمده بواسع رحماته وأسكنه فسيح جناته.

من إعداد الباحث : زرقون كريم، اعتمادا على شهادة أخواله أحمد وإسماعيل باباعمر جلمام إخوة الدكتور رحمه الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى