مرآة الصحافة

مدرسة تاونزة العلمية.. مثالٌ للجودة والريادة

لم يعد دور المدرسة مقتصرا على تعليم أبجديات القراءة والكتابة، حيث فرض عصر المعلومات على هذه المؤسسة المحورية في عملية التنشئة الاجتماعية، مواكبة التطور التكنولوجي والرقمي، باتباع مناهج تعليمية حديثة، من شأنها تمكين التلاميذ من مهارات القرن الحادي والعشرين. هو المنهج الذي اختارته «مدرسة تاونزة العلمية» بولاية غرداية، ما ضمن لها العديد من التتويجات، وقبل ذلك، الريادة في عديد المجالات، على غرار «الروبوت التعليمي» و»الذكاء الاصطناعي».

نبدأ حديثنا عن مدرسة تاونزة العلمية بولاية غرداية بأحدث إنجازاتها، حيث توجت المدرسة بوسام الأثر المجتمعي لسنة 2022، وتسلم الوسام مدير المدرسة العام ياسين سليمان بوعصبانة باسم كل طاقم المدرسة وأوليائها ومتعلميها، وذلك خلال فعاليات الحفل السنوي الذي نظمته مؤسسة «ميدافكو MEDAFCO» بتونس نهاية الشهر الماضي. كما عرف الحفل حضور عدة شخصيات قدمت أثرا في مجتمعاتها، على غرار الدكتور أحمد نوح صاحب المشروع الحضاري والبيئي «قص تافيلالت» بقصر بني يزقن، بلدية بنورة بولاية غرداية.

وجاء هذا التكريم، حسب صفحة المدرسة، «تتويجا لعمل المدرسة الدؤوب في مجال التربية والتعليم، واجتهادها في توفير تعليم إبداعي متميز يمس مختلف شرائح المجتمع».

مشاركات وتتويجات بالجملة

وفي تصريح خصّ به «الشعب»، أكد إلياس الحاج موسى، مدير العلاقات العامة والتعاون بمدرسة تاونزة العلمية، والمدير التنفيذي بالمؤسسة الناشئة Educanov للابتكار في التعليم، أكد أن هذا التكريم الذي تلقته المدرسة جاء عفويا ومن دون علم مسبق به، فقد تم اختيارها ضمن 11 مؤسسة فاعلة في مجتمعها، ووجهت لها دعوة للحضور في ملتقى لتبادل التجارب والخبرات في مجال المقاولاتية الاجتماعية وريادة الأعمال وليس للتكريم.

وقال الحاج موسى إنه «منذ تأسيسها سنة 2007، حققت مدرسة تاونزة العلمية، بفضل الله تعالى وبفضل طاقمها المبدع والمثابر، الكثير من الإنجازات، وحصدت العديد من الألقاب على المستوى الوطني والدولي، أين حملت الراية الوطنية وشرفت الجزائر سواء باسمها كمدرسة أو من خلال طلبتها وأساتذتها». وأضاف: «وإيمانا منها بأهمية الانفتاح الدولي فقد شاركت المدرسة في الملتقيات العلمية والمنافسات الطلابية الدولية في كل من الأردن، قطر، مصر، الإمارات العربية المتحدة، وكوريا الجنوبية.

وذكّر محدّثنا ببعض مشاركات المدرسة، التي مثلت الجزائر في البطولة الدولية للمناظرات بالدوحة، والأولمبياد الدولي للغة الإنجليزية بجامعة العلوم التطبيقية في العاصمة الأردنية عمّان في ثلاث طبعات، ومسابقة قطار المعرفة بدبي في ثلاث طبعات أيضا، وهي المسابقة التي تنظمها كل عام مدرسة البحث العلمي في دبي على صعيد العالم العربي في مجال القراءة والمطالعة، وفازت فيها مدرسة تاونزة العلمية للمرة الثانية على التوالي بالمرتبة الثالثة سنة 2014.
كما ذكر المسابقة العالمية للرياضيات والمنطق بباريس، ومشروع تحدي القراءة العربي بدبي، والبطولة العربية المفتوحة للروبوت بشرم الشيخ، والملتقى العلمي الطلابي الآسيوي في طبعتين بمسقط وسيول.

ومن بين الجوائز والألقاب التي حصلت عليها المدرسة، أشار الحاج موسى إلى جائزة أفضل مشروع صانع للأمل في الجزائر سنة 2019 ضمن مسابقة «صُنّاع الأمل»، وقد حصل الموقع الإلكتروني للمدرسة على جائزة الدرع الإلكترونية كأفضل موقع تعليمي عربي لسنة 2014، وكذلك حصول المدرسة على المرتبة الأولى وطنيا والرابعة عربيا من بين ثلاثين ألف مدرسة في الطبعة الأولى لمسابقة تحدي القراءة العربي سنة 2016، بدولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك تتويج الفريق الطلابي الممثل الوحيد للجزائر في الأولمبياد الدولي اللغة الإنجليزية بالأردن سنة 2018 بكأس المرتبة الأولى في محور العمل الجماعي

ما يجب معرفته عن «تاونزة»

تأسست مدرسة تاونزة العلمية يوم الاثنين 19 رمضان 1428 هجرية، الموافق لـ01 أكتوبر 2007 ميلادية، بولاية غرداية. وهي مؤسسة تربوية خاصة معتمدة من وزارة التربية الوطنية.

أما كلمة «تاونزة» فلها معانٍ عدّة باللغة العربية، نذكر من بينها «الأمل»، حيث «تسعى لأن تكون بصيص أمل للإنسانية جمعاء، من خلال الاستثمار في الإنسان والتحسين المستمر في العملية التربوية والتعليمية، ومنطلقها في ذلك القيم الأصيلة والتعليم المتميز الممتع، المواكب لكل ما توصل إليه التربويون من وسائل وأساليب في التدريس والتسيير الإداري وتكنولوجيا التعليم».

وتُشرف المؤسسة على التعليم التحضيري، الابتدائي، المتوسط والثانوي للبنات والبنين، وتسعى إلى «الإسهام في رفع الأداء التربوي، وتحقيق جودة التعليم محليا ووطنيا ودوليا، من خلال مجموعة متكاملة من البرامج والأنشطة الصفية واللاصفية داخل المدرسة وخارجها، من أجل الرقي بها إلى مستويات أحسن، وتحقيق نتائج أفضل بصقل مواهب الطلاب المختلفة، وإغناء رصيدهم المعرفي، وإكسابهم مهارات القرن الواحد والعشرين».

ونشرت المؤسسة رسالتها ولخصتها على أنها: «تربية وتعليم طالب مؤمن، كفء في أدائه، فعّال في محيطه، يعيش عصره، منفتح على العالم، باستخدام أحدث مناهج التّدريس واستراتيجياته، وأقوى الشّراكات المحليّة والدولية».
كما حدّدت المدرسة قيمها كالتالي: التّميّز، التّعلّم، الابتكار، التّعاون، الانفتاح، الانضباط، تقبل النّقد.
وعن رؤية المدرسة المستقبلية، يقول القائمون عليها إنها ترتكز على «بناء منظومة متكاملة للتميز المؤسّسي والبيداغوجي والحصول على الاعتراف الدوّلي».

ومن خدمات المدرسة، تربية المتعلم في بيئة إيجابية تكرس الأخلاق والقيم، والتعليم بطرق حديثة وأساليب إبداعية مبتكرة، وبرمجة مخيمات تحضيرية لأقسام الشهادة في الأطوار الثلاث، وتنظيم مخيمات تعليمية للتّمكن من اللغات الأجنبية، ورحلات علمية ميدانية لتقريب الكفاءات وترسيخها، وتدريس الإعلام الآلي واللغات الأجنبية ابتداء من الأطوار الأولى، وكذا تدريس البرمجة والروبوت لتنمية الشغف بالعلوم التطبيقية، إلى جانب المشاركة في المنافسات الطلابية الوطنية والدولية، وبرامج متكاملة تخدم الشخصية المتوازنة للطالب، وتشخيص حالات صعوبات التعلم ومعالجتها بيداغوجيا، والمتابعة النفسية المستمرة للمتعلمين في جميع الأطوار، وفضاءات ترفيهية متنوعة.

كل ما سبق يرافقه توفير النقل المدرسي، والتواصل الفعّال بين الولي والمدرسة من خلال الإشعارات الكتابية والمنصات الرقمية، وإشراك الأولياء في العملية التعليمية، وبرمجة لقاءات تواصلية لشرح المناهج التربوية لأمهات الطور الابتدائي، واستفادة الأولياء من تكوينات متخصصة خلال الموسم الدراسي، واستفادة الأولياء من الاستشارات النفسية والتربوية، وبرمجة لقاءات أسبوعية لاستقبال الأولياء من طرف الأساتذة، وإطلاع الأولياء على مستجدات المدرسة من خلال القنوات الإعلامية المتعددة.

الروبوت التعليمي.. والذكاء الاصطناعي

وتتطلع مدرسة تاونزة العلمية إلى عصرنة برنامجها الدراسي ومواكبة التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم. حيث تعتبر أول مدرسة جزائرية (بحسب صفحة المدرسة) «تعتمد منهاجا تعليميا متكاملا ومتسلسلا لتدريس مادة «الروبوت التعليمي» و»الذكاء الاصطناعي» في المقرر الدراسي الأسبوعي، وذلك بتخصيص حصة أسبوعية له لمدة ساعتين من الزمن لكل قسم، يستفيد منها التلاميذ في مستوى التحضيري والابتدائي كمرحلة أولى خلال الموسم الدراسي الجاري، ثم طلاب مستوى المتوسط والثانوي كمرحلة لاحقة.

وفي هذا الصدد، شهد يوم السبت الماضي (04 فيفري) بالجزائر العاصمة، مشاركة كل من مدير الإعلام وتكنولوجيا المعلومات بالمدرسة أحمد ياسين باكلي، والمشرف على مخبر الروبوت التعليمي والذكاء الاصطناعي بذات المؤسسة الحاج عمر دادة، رفقة مدير تطوير مشاريع الروبوت التعليمي والذكاء الاصطناعي بمؤسسة Educanov للابتكار في التعليم، وأستاذ المادة بمدرسة الإبداع محمد بللو، في الدورة التكوينية المتخصصة حول آليات ومتطلبات استخدام المنهاج الجديد لتدريس مادة الروبوت التعليمي والذكاء الاصطناعي في مدرسة تاونزة العلمية، بالشراكة والتعاون مع مؤسستي NEWGATEROBOT لتعليم البرمجة والروبوت بالجزائر العاصمة، ومؤسسة MY ROBOT TIME بكوريا الجنوبية.

وتأتي هذه الدورة التكوينية الحضورية في إطار متطلبات اعتماد المنهاج بهدف الاطلاع عليه وفهمه ومعاينة الحقائب التعليمية المرفقة له وكيفية استخدامها. وينتظر أن تعقبها دورات أخرى عن بعد للمرافقة والتوجيه في تدريس المنهاج خطوة بخطوة.

وقد جاءت هذه الشراكة الاستراتيجية، يضيف ذات المصدر، مواكبة لتطورات الدولة في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في جميع القطاعات، وكذا انطلاقا من رسالة المدرسة ورؤيتها الاستشرافية لمستقبل التعليم، وأهدافها الاستراتيجية المسطرة ضمن خطة 2018 ـــ 2023 في مجال الابتكار والتميز في التعليم.

وتجدر الإشارة إلى أن مدرسة تاونزة العلمية تبنت، ابتداء من سنة 2014، «منهجية واستراتيجية ستيم» في التعليم (وهي معتمدة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 2001 والتي تعنى بدمج العلوم) وركزت على البرمجة والروبوت التعليمي، كنشاط لا صفي على شكل دورات تكوينية وفضاءات رقمية في العطل المدرسية من خلال نادي البرمجة والروبوت في المدرسة، الذي تكوّن ونشط فيه العديد من المتعلمين مستثمرين أوقات فراغهم، وشارك بعض منهم من خلاله في منافسات ومعارض علمية طلابية داخل الجزائر وخارجها.

ويهدف اعتماد تدريس المنهاج الجديد للروبوت التعليمي والذكاء الاصطناعي في المدرسة إلى: تشجيع الطلاب على التعلم الذاتي وذلك عن طريق تحريك نواة الفضول في معرفة كيفية تركيب وبرمجة الروبوت والتحكم فيه، وتطبيق المفاهيم الرياضية والفيزيائية النظرية التي تعلمها الطلاب في الأقسام على الروبوت مما يقوي سرعة الفهم والاستيعاب للدروس الرياضية والظواهر الفيزيائية، وتعلم حل المشكلات العلمية وذلك من خلال عرض مقترحات لحل مشكلة مطروحة وهذا يجعل الطالب يفكر ويتأمل بشكل جيد لحل مشكلة ما، وتجسيد أفكار الطلبة المحبوسة في عقولهم وذلك عن طريق طرح المشاريع العلمية والقيام ببنائها وبرمجتها من خلال الروبوت، واكتشاف الطلاب الموهوبين من أجل تقديم الرعاية اللازمة لهم لمواصلة مشوارهم الدراسي والبحثي، واستثمار أوقات فراغ الطلاب بالعلوم والتكنولوجيا والانفتاح على محيطهم من خلال المشاركة في المنافسات الوطنية والدولية ومختلف المعارض العلمية، وتقوية الروابط الأخوية وإضفاء جو من التعاون والعمل الجماعي ومتعة التعلم بين الطلاب وتمكينهم من مهارات القرن الحادي والعشرين.

أسامة إفراح

جريدة الشعب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى