كلام من القلبواحة المعرفة

كلام من القلب (18) ويُبقي الدهر ما كتبت يداك

kalam18

يعمل كل منا ويبذل جهده في الحياة ليترك بعده أثرا، وخير الآثار ما كان من قبيل الصدقة الجارية، يتواصل معه ثوابها حتى بعد وفاته، وفي هذه الصدقات أنواع كثيرة وأبواب عدة، كل حسب ما أوتي من قدرة وتوفيق فليدخل من أيها شاء، المهم أن يفعل.

من أهم تلك الصدقات الجارية الكتابة، فلا يكتب الإنسان لغرض المتعة والهواية فقط، ولا يعمل عقله لترتيب الكلمات ورصها دون هدف أو دافع لذلك، إنما يجتهد ليكون كل حرف مما تخطّ يداه حسنة له، ومنفعة لغيره، فوجب عليه التدقيق في معلوماته، وكف إذاية غيره بها، فما يقترفه اللسان يفعله القلم، وشتانا بين الكلام وما هو مكتوب.

لولا الكتابة ما اطلع الناس على حضارات سبقتهم، ولما تطورت مسيرة الحياة وتقدمت، فالتراكم في العلم أساسه ما تُرك من كتب ومخطوطات، وحتى نقوش في باطن الكهوف، وأيما حضارة اهتمت بتوثيق تاريخها امتدت أعمارا وطالت بقاء، أما ما لم ينهج أصحابها هذا السبيل دخلت طي الكتمان وصارت هدفا سهلا لمن يطعن فيها أو يتجاهلها جملة وتفصيلا، وفي كلٍّ أمثلة واضحة جلية في التاريخ.

اسع أخي، واسعي أختى لما تخلّدان به ذكراكما وذكرى أمتكما، استثمرا ملكة الكتابة لديكما لنفع البشرية، واكتسبا من كل كلمة حق صدقات وأنهار من الحسنات، اكتبا ما يزيد في العقول وينميها لا ما يهدمها وينزل بها لأسفل الدرجات، وقد قالها الإمام الشافعي رحمه الله:

 ومامن كاتب إلا سيـفــنى       ويبقـــي الدهر ماكتبت يداه

 فلا تكتب بكفك غير شيئ       يســـرك في القيامة ان تراه

 لا تستصعب الكتابة، فقد صارت أبسط بتوفر التقنية، إنما الجهد مطلوب في الجودة والمحتوى، فسائل نفسك واسألها عن كل حرف كتبته، وفكر جيدا قبل نشره.

 كيف هي كتاباتك، وهل تستحضر المعاني المذكورة حينما تهم لتكتب؟

جابر صالح حدبون

رمضان شهر كريم… اللهم ارزقنا بره وبركته وهداه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى