تخرج أوّل الدّفعات السّنة المقبلة.. الجامعات الخاصة.. تجربة فتية تحت المجهر

هي تجربة فتية في الجزائر، مقارنة بدول أخرى، ما جعلها تحت مجهر المراقبة والتقييم والمرافقة، من طرف الوصاية.. إنّها 17 جامعة خاصة، فتحت أبوابها مؤخرا، لاستقبال فئة من الطلبة، الباحثين عن خوض تجربة التعليم العالي الخاص، على غرار بقية أطوار التربية والتعليم وحتى التكوين الخاص، فهل تمكنت هذه الجامعات من منافسة التعليم العالي العمومي، في أول تجربة لها؟
أتاحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، للطلبة الناجحين في البكالوريا، خيار الدراسة في مؤسسات جامعية خاصة معتمدة، تقدّم تكوينا في الليسانس، يُتوج بشهادة جامعية معادلة للشهادة الممنوحة في مؤسسات التعليم العالي الحكومية، مقابل دفع مبالغ مالية مختلفة، حسب التخصصات والمعاهد والمدارس العليا.
دفتر شروط جديد قريبا لتدارك النقائص..
بوقزاطة: الجامعات الخاصة “لم ترق إلى مستوى طموحاتنا” وسننظم آلياتها قريبا
وتقدم الجامعات الخاصة، تكوينات في مجال التسيير والاقتصاد والمناجمنت، واللغات الأجنبية، وحتى العلوم الإنسانية، والعلوم السياسية، إضافة إلى اختصاص الرياضيات والإعلام الآلي والعلوم والتكنولوجيا وعلوم المادة، وحتى في الحقوق.
المعهد العالي للعلوم..استقطاب للمتميزين والمتفوقين
وللتقرب أكثر من هذه المؤسسات الجامعية، زارت “الشروق اليومي” المعهد العالي للعلوم ببرج الكيفان بالجزائر العاصمة، الذي يعرض على الناجحين تكوينات في أربعة تخصصات، علوم تقنية ورياضيات وإعلام آلي وعلوم الاقتصاد، إضافة إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وحسب مدير العلاقات العامة والتعاون الخارجي بالمعهد، محمد أبانو، فالمؤسسة تحصلت على الاعتماد منذ سنتين، واستقبلت طلبة، بعد معاينة معدل نجاحهم في البكالوريا، مع تقييم مسارهم الدراسي خلال السنة الثالثة ثانوي، كما يخضع الطالب قبل التحاقه، لتقييم من أساتذة ومسؤولين بيداغوجيين بالمعهد، لرصد استعدادهم النفسي، ومعرفة تصورهم العام حول التخصص.
المعهد العالي للعلوم ببرج الكيفان..تكوينات ميدانية ومرافقة بيداغوجية لطلابه
17 جامعة خاصة لقرابة 2000 طالب فقط!
وحسب المتحدث فإنّ، أداء الطلبة خلال هاتين السّنتين كان “متميزا ونوعيا”، بحيث يؤطّرهم “أساتذة أكفاء وذوو خبرة، قادمون من الجامعات العمومية والمدارس العليا”، كما يعادل الدبلوم المتحصل عليه من المعهد أو من الجامعات الخاصة ككل، شهادة التخرّج من الجامعات الحكومية.
33 مليون سنتيم تكلفة عام دراسي “والنوابغ” معفوْن
وتُكلف سنة دراسة بالمعهد 33 مليون سنتيم سنويا، في وقت يُعفى المتميزون وأصحاب أعلى معدل خلال السنة الأولى من تسديد المستحقات، حيث يدرس السنة الموالية مجانا، كما يستفيد الطلبة المتفوقون في التكوينات والمنح الخاصة، من مجّانية الدراسة، وذلك في لفتة إنسانية، لمساعدة الطلبة وتحفيزهم معنويا.
وبخصوص العملية البيداغوجية، فالمعهد يضمُّ قسما لمرافقة الطالب طيلة مساره الجامعي، من خلال التحضير والتكوين، والجاهزية وتأطير النشاطات.
وأكّد محدثنا أن المعهد يوفر مختلف التكوينات التطبيقية لٌطلابه، زيادة على التعليم النظري، “وذلك بتنظيم زيارات وتربصات ميدانية إلى مؤسسات اقتصادية، وتكوينات في ريادة الأعمال والمقاولاتية، وحتى طلبة الشعب الإنسانية يستفيدون من تكوينات في اختصاصهم، فمثلا طلبة علوم التربية يتم تكوينهم مع مؤسسات في علم المناهج” على حد قوله.
زيارات للمؤسسات الاقتصادية واحتكاك بعالم الشغل
وأضاف محمد أبانو أنّ الجامعة توفّر فرص احتكاك وتكوين مع المؤسسات الاقتصادية حيث قال: “يلتقي طلبتنا مع مديري المؤسسات الاقتصادية، لخلق فرص للاحتكاك، والتعود على ميدان الشّغل، ولتخريج طالب أو إطار مستقبلي مُحضّر جيدا لسوق العمل، وينتظر أن تتخرج أوّل دفعة من المعهد، في شهر جويلية 2022”.
وبخصوص هياكل المعهد، وحسب ما رصدناه خلال جولتنا مع مدير العلاقات العامة، يوجد ناد للطلبة، ومكان مخصص لبرامج الترفيه بمرافقة من الإدارة، أمّا المطعم فتنتهي الأشغال به قريبا، بينما يتنقل الطلبة عبر حافلات النقل الجامعي.
هدفنا بلوغ تصنيف عالمي متميز..
اعتبر مؤسس المعهد العالي للعلوم، الدكتور طه كوزي في تصريح لـ “الشروق اليومي”، أنّ الجامعة الخاصة، “هي تجربة جديدة على الجزائر، وهو ما جعلنا نعمل على بناء هذا المفهوم، بجودة ونوعية، ليتكون هذه المؤسسات الخاصة سندا للجامعات العمومية، وتضمن الجودة والنوعية والتنافس العلمي لإنتاج نخبة”.
والمُميز في الجامعات الخاصة، حسبه، عدم ارتباطها بتخصصات كلاسيكية، وإنما هي مفتوحة على كل التخصّصات التي يحتاجها المجتمع، لسد حاجياته، من اقتصاد إلى علوم إنسانية، ويكون المتخرج من المعهد إطارا محترفا ومكونا ومتسلحا بالمهارة، ليلج عالم الشغل بجاهزية، أو ينطلق في مشروعه الخاص.
وقال كوزي: “معهدنا عبارة عن جامعة بحثية، تضمن التعليم والخبرة للطالب، حيث يتحول الطالب فيها إلى باحث، وصاحب المعلومة، كما نعتبر المكتبة والبحوث هي مركز الثقل في جامعتنا”.
ومن الأهداف المستقبلية، للمعهد العالي للعلوم، حسب تأكيد مؤسّسه “هو بلوغه تصنيفا عالميا مرموقا مستقبلا”.
ليعتبر أن “إصدار قانون توجيهي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لصالح الجامعات الخاصة هو دعم ودفع لها “.
شروط جديدة لمنح تراخيص إنشاء جامعات خاصة
أكّد مدير التكوين بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جمال بوقزاطة، أنّ القانون التوجيهي، نصّ في مادته 42 مكرر، على فتح المجال للتعليم العالي على الخواص، بهدف تقاسم جهود الجميع، في مجال التعليم العالي، ليستفيد منه جميع أبناء الجزائر، كل حسب رغبته.
وقال بوقزاطة في تصريح لـ “الشروق”: “نحصي إلى حد الآن 17 مركزا جامعيا خاصا موزّعاأساسا على ولايات الوسط والشرق، في وقت لا توجد جامعة خاصة بالمناطق الغربية”.
وكشف المتحدث أنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ترافق هذه المؤسسات الجامعية الخاصة، عن طريق مراقبة مدى تقيدها بدفتر الشروط المحدد لنشاطها، كما أنّ “أوّل دفعة من الطلبة تتخرج هذه السّنة، سترافقها زيارات تفقدية أو تفتيشية إن صحّ القول،للوقوف على مدى احترامها للنصوص التنظيميةلهذا القطاع”.
وبحسبه، لابد من توفر شرطين أساسيين، لاعتماد الجامعات الخاصة، أهمّها احترامالمساحات المقررة المحددة في دفتر الشروط، ثم وجود تكوينات ضمن الميادين والشعب والتخصّصات السائدة في التعليم العالي”.
في وقت تم استثناء فتح اختصاص العلوم الطبية بالنسبة للخواص، بسبب تطلبه إمكانيات كبيرة جدا، يصعب توفيرها.
وفي حصيلة تقييمية، للجامعات الخاصة، التي ستتخرج أول دفعة لها السنة المقبلة، كشف بوقزاطة أن إقبال الطلبة على التسجيل في الجامعات الخاصة، “كان محتشما جدا، ولم يصل بعد الحد المتوقع، وخاصة في اللغات الأجنبية”.
وأكد محدثنا أن “عدد الطلبة في هذه المؤسسات لم يتجاوز 2000 طالب في كل المؤسسات مجتمعة وبالتالي فرؤيتنا للقطاع الخاص، نستطيع القول بأنها دون المستوى، لما هو منتظر منها، كما أن عروض التكوينات والتخصصات المقترحة في الجانب الاقتصادي، كانت محتشمة، إذ لم تفتح جُل هذه الجامعات اختصاصات ذات فائدة ومكملة للتعليم الحكومي، إذ لا نريدها أن تكرر التخصصات الموجودة”.
كما سجلت وزارة التعليم العالي، تحفظات بشأن هياكل ومقرات الجامعات الخاصة، التي لم ترق، حسب مدير التكوين، لتكون مؤسسة جامعية بأتمّ معنى الكلمة وتسعى الوصاية لتحضير دفتر شروط يأخذ بعين الاعتبار أو يشترط معايير جديدة لإنشاء جامعة خاصة أو فتح مدرسة عليا”.
المصدر: الشروق اليومي
				
					


