ألهمتني بني
تأملتُه وهو يسقط ثم يقف مجددا. وتساءلتُ هل علي أن أمنعه من المحاولة؟
ما أقساني من أم. إنه إبني البكر، كيف لا أتألم لذلك؟ ربما علي أن أفعل شيئا حتى لا يتأذى..
وبينما هي غارقة في أفكارها توجه نحوها بثغر باسم وعيون تشع سعادة في خطوات متأرجحة وارتمى في حضنها والدنيا لاتسعه من الفرحة بإنجازه العظيم!
بالليل وضعته في سريره وقبلته بين عينيه وهو غارق في نوم عميق مستسلما آمنا، جلست بجواره تتأمله و تكتب.
بدأت بتاريخ اليوم وعنونت الصفحة كما تفعل بعد كل حدث جميل وإنجاز رائع.
أولى خطواتك الجميلة بني
بني الغالي قد كنت معك اليوم حينما كنت تسقط وأنت تحاول المشي. أنا فخورة جدا بك فقد نجحت أخيرا بعد عدة محاولات رغم الآلام.
بني العزيز النجاح جميل إلا أنك لن تبلغه بلا اخفاقات. قد تطول المدة لذلك أو تقصر.
حبيبي الغالي الفشل ليس سوى درجات سلم لتبلغ المقصود، تصعدها درجة درجة وكلما تخطيت واحدة تعلمت كيف تتقن الوصول للدرجة التي تليها.
بني وأنا أراك تسقط لم تحدثني نفسي مطلقا أنك تفشل بل كنت أراك في قمة النجاح لأنك في كل مرة كنت تقف لتحاول مجددا، بعزيمة أقوى وثبات أصلب.
كنت أرى كيف كنت تتحكم في خطواتك كلما وقفت مرة تلو المرة.
تمنيت لو كان بإمكانك أن ترى السعادة التي غمرتك وأنت ترتمي بحضني بعد أن خطوت أولى خطواتك المستقيمة نحوي. لم تكن سعادة لأنك نجحت في الوصول إلي فقط، بل كانت سعادة أنك تخلصت من السقوط سعادة أنك تعلمت المشي أي تعلمت شيئا جديدا، سعادة أنك صرت أكبر و تمكنت من التحكم في جسدك، سعادة أنك استطعت أن تتحمل وتحديت نفسك وبلغت.
لو تعلم يابني كيف جعلتني أجدد العزم لبعض طموحاتي التي أخفقت في تحقيقها سابقا ظنَّا مني أني فاشلة ولا يمكنني القيام بها.
بني هكذا هي الدنيا لا تستقيم دائما ولا يمكن بحال أن ننجح دون أن نخفق ولن نبلغ المراد دون أن نفشل مرات ومرات.
بني حياتنا هي تلك التجارب التي نمر بها، وفي كل مرة نحاول أن نفهم سبب الإخفاق ونعدل ثم ننطلق لخوض التجربة مرة أخرى.
لذا فإما أن تجدد العزم وتحاول مرارا وتكرارا وإما أن تظل جالسا بمكانك ولا تحرك ساكنا.
أعدك حينها بأنك لن تفشل مطلقا.
و كذلك لن تنجز شيئا ولن تكون سعيدا أيضا ولا راضيا، ولن تفتخر بنفسك أبدا.
فلك الإختيار بني.
أم مريم
