سيرة ومسيرة

شاشة ن عودة.. خادمة أهل القرآن

صباحٌ للتفاؤل والأمل و للاعتراف والتكريم لامرأة في بلدتنا، مغمورة بسيطة، عادية من النوع الذي لا يتصدّر المشهد رغم أنه ظاهر للعيان، كلّ من في بلدة العطف تجنينت لابد يعرفها أو تعامل معها أو على الأقل سمع عنها، عفوية النفس، نقية السّريرة، صافية الطويّة إنها ببساطة عظيمة، المشهورة باسم شاشة ن عودة.

خادمةُ القرآن وأهل القرآن، خادمة للقرآن وماهي بقارئة، لا تكتمل مجالس القرآن النسوية إلا بحضورها وخدمتها، ونحن في شهر شعبان على مشارف الشهر الفضيل، رمضان الذي لا ينقطع فيه الذكر والقرآن، وتقام فيه المجالس النسوية اليومية في أكثر من دار ووقف، ومنها مجلس لالة كرّابة (*) الخالد الشهير، في هذا المجلس شاشة هي من ترافق القارئات وهي من تتكفل بتنظيم المعروف من خبز وسكر وتمر وغيرهم وربما اقتنت بعضا منه من المحلات بيدها.

شاشة خادمة لتربصات الصلاة للبنات، من تقوم على شؤون القائمات على هذه التربصات وتحرص على السعي في أعمالها اليومية.، خادمة عميدة المرشدات في بلدة العطف المرشدة الداعية لالة سعيدة منذ سنوات طوال. و «خادمة» ليس بالمعنى البسيط القريب أنها تعمل بمقابل، بل إنها سبّلت نفسها لله، بسم الله ما شاء الله عليها لا تكل ولا تمل. نحسبها وليّة من أولياء الله الصالحين، حيث نقائها وصفائها، وحيث نذرت وقتها وجهدها طيلة عمرها لهذا المسعى الروحاني النبيل.

من خصالها الحميدة أيضا أنها تسعى في قضاء حاجات بعض النساء ممن لا سند لهنّ ولا معين من شراء أو مصالح إدارية في إدارتنا المحلية كالبلدية والبريد والضمان الاجتماعي.

هي امراة مخضرمة بين جيل مضى وجيل قائم اليوم، من لا يذكر شاشة يذكرها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي -وربما قبل- حين تجوب أحياء المدينة تجمع أبناء الروضة لتأخذهم إلى روضة المركز الثقافي سعيد عبد الحفيظ (**) تحرص على سلامتهم من خطر الطريق والسيارات، ذهابا وعند الإياب، أطفالها وبناتها في الروضة هم اليوم آباء وأمهات.

في الحقيقة ليست شاشة وحدها من تستحق التكريم في هذا المقام، فلها رفيقات وشبيهات، بمثلهن تتوازن موازين الخير وتتنزل الرحمات ويحفظ ربي هذه البلدة من مساوئ وشرور.. إنهن يعملن في صمت، في خفاء، خاصة وأنهنّ نساء والنساء قد لا يحفل بهنّ أحد، نعتاد على أمور نراها بسيطة لكنها عند الله عظيمة.

بارك الله في جهودهن وصحتهن وأعمارهن.


(*) هذا المجلس وهذه المجموعة من النساء فيه، لوحده يستحق بحثا وإشادة وتخليدا، للدور الكبير الذي يقمن به في تأطير القرآن وإحياء المناسبات طيلة العام خاصة في العزاءات و بعض المناسبات.

(**) يصادف اليوم يوم استشهاده سنة 1995.

سعيد مصطفى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى