سبعي صالح: مسيرة رياضية حافلة في مرافقة الشباب

المدرب والاستاذ سبعي صالح: مسيرة رياضية حافلة بالإنجازات والتفاني في تطوير كرة القدم الجزائرية ومرافقة الشباب
يُعدّ سبعي صالح بن الحاج محمد واحدًا من الشخصيات الرياضية البارزة في ولاية غرداية و الجزائر، حيث كرّس حياته لخدمة الرياضة، سواء كلاعب موهوب في شبابه أو كمدرب وإداري ذو رؤية في عالم كرة القدم.
وُلد سبعي صالح في 04 ديسمبر 1959 بمدينة بني يزڨن بولاية غرداية، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء.
درس المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة في المدارس الرسمية بمدينة قسنطينة، وفي الفترات المسائية بمدرسة الهدى القرآنية .
واصل تعليمه في السنة الأولى من المرحلة الثانوية في قسنطينة، ثم انتقل إلى فرنسا عام 1978. لاحقًا، عاد إلى الجزائر ثم تونس، حيث تمكن من الحصول على شهادة البكالوريا هناك.
التحق بجامعة قسنطينة ودرس لمدة عامين جدع مشترك علوم، لكن لظروف خاصة ترك مقاعد الدراسة، ليتفرغ للاعمال الحرة والرياضة، حيث واصل مسيرته بروح المثابرة والطموح.
بدأ مشواره الرياضي منذ الصغر، متنقلًا بين عدة فرق محلية ودولية، قبل أن يتحول إلى الإدارة الرياضية والتدريب، واضعًا بصمته في العديد من المحافل الوطنية والدولية.
مشوار اللاعب سبعي صالح: رحلة بين الجزائر والخارج
بدأت مسيرة سبعي صالح في ملاعب كرة القدم منذ فئة الناشئين كان لاعبًا في صفوف مولودية قسنطينة ضمن فئة الأشبال ومع فريق بني يزڨن، ثم ارتقى إلى فئة الشباب ليلعب مع فريق ف.أو.سي شعبانةحاج عيسى براهيم في قسنطينة.
خلال مرحلة الاحتراف، خاض تجارب مميزة في أندية خارج الجزائر، حيث لعب موسم 1977-1978 مع فريق CERDON في فرنسا ضمن البطولة الهاوية، ثم انضم إلى فريق نادي الترجي الرياضي التونسي (ESS) عام 1979-1980. كما شارك مع المنتخب العسكري للبحرية الوطنية الجزائرية في بطولة كرة القدم العسكرية بين 1982-1984.
واصل مسيرته الرياضية مع فريق كرة القدم للتجار في الجزائر العاصمة (1985-1990)، بالإضافة إلى خوضه تجربة رياضية في الكاراتيه دو ضمن نادي بلدية واد قريش الجزائر العاصمة. لم يقتصر نشاطه على العاصمة، بل لعب أيضًا لصالح نادي CR Bahmane Kassi بغرداية بين 1991-1992.
التحول إلى الإدارة والتدريب: قائد رياضي برؤية ثاقبة
لم يكتف سبعي صالح بمسيرته كلاعب، بل انتقل إلى مجال الإدارة الرياضية والتدريب، حيث شغل عدة مناصب قيادية كان لها أثر بارز في تطوير كرة القدم المحلية:
1986-1987: رئيس جمعية JSB تجار بني يزقن في الجزائر العاصمة.
1992-1997: رئيس الاتحاد الرياضي لبني يزقن، حيث ساهم في تحقيق الفريق كأس رابطة ولاية غرداية لكرة القدم لفئة الأكابر موسم 1993-1994.
1994-1996: رئيس لجنة الشباب والرياضة لبلدية بونورة – غرداية.
1996: عضو رابطة ولاية غرداية للملاكمة.
1997-2012: رئيس قسم كرة القدم لنادي رائد شباب مزاب (RC M’zab)، حيث نجح في قيادة الفريق إلى البطولة الوطنية الثانية، وتم انتخابه كـ”أصغر رئيس نادٍ في الدرجة الوطنية الأولى والثانية” خلال موسم
2001/2002: مدرب فريق الأكابر لنادي RCM M’zab.
2008-2016: عضو في رابطة ورقلة الجهوية لكرة القدم لولايتين متتاليتين، وممثل الأندية، كما تولّى رئاسة لجنة الأخلاقيات الرياضية.
2013/2014: عضو في الجمعية العامة للاتحاد الجزائري لكرة القدم (FAF) برئاسة السيد حاج روراوة.
2010-2013: مدير مدرسة كرة القدم لنادي RCM’ZAB.
2013-2023: رئيس مدرسة كرة القدم “مواهب الواحات” بغرداية، حيث قاد الفريق إلى عدة بطولات وطنية ودولية.
إنجازات دولية ومساهمات في تطوير المواهب الشابة
حرص الاستاذ صالح على تطوير الفئات الشابة، فقاد فريقه مدرسة مواهب الوحات إلى المشاركة في بطولة المدارس الدولية في روسيا 2019، حيث احتل الفريق المركز الخامس من أصل ثمانية فرق، كما حصل حارس المرمى على جائزة أفضل حارس في البطولة.
واصل الفريق تألقه محليًا، محققًا كأس وبطولة ولاية غرداية لفئة أقل من 14 سنة، بالإضافة إلى الوصول إلى دور الـ 8 لكأس الجزائر لفئة أقل من 15 سنة في بسكرة.
كما كان لسبعي صالح حضور قوي في التكوين والتدريب، حيث شارك في:
ديسمبر 2017: الملتقى التكويني للاتحاد الجزائري لكرة القدم (FAF) كممثل التكوين في الجنوب الشرقي.
2021/2022: عضو رابطة الجنوب الشرقي الجهوية لكرة القدم – ورقلة.
2022/2023: رئيس لجنة تنظيم بطولات الفئات الشابة في الرابطة الجهوية الجنوب الشرقي – ورقلة.
2024: مشارك منظم في دورة “التدريب والتحول الرياضي” من تنظيم Global Sport Partners الأمريكية.
شهادة وتأهيل رياضي متميز
حصل المدرب صالح على دبلوم مدرب كرة قدم فئة RI، بالإضافة إلى شهادة تدريب فدرالية لتكوين المدربين في رياضة “الرياضة للجميع”، ما يعكس اهتمامه المستمر بتطوير مهاراته ونقل خبراته للأجيال القادمة.
إرث رياضي حافل
من خلال مسيرته الطويلة، أصبح سبعي صالح رمزًا للرياضة في غرداية والجزائر، حيث ساهم في تكوين جيل جديد من اللاعبين، وأدار فرقًا بأعلى المستويات، وشارك في محافل دولية. لا يزال يواصل عمله في تطوير كرة القدم من خلال إدارته لـ مجمع الملاعب الرياضية “تافيلالت” ببلدية بنورة – غرداية، كما يُجهّز فريقه لمشاركة جديدة في بطولة المدارس الدولية بروسيا 2024.
الاستاذ صالح لم يكن مجرد لاعب ومدرب، بل قائدًا رياضيًا حمل راية التطوير والتكوين، مقدمًا نموذجًا يُحتذى به في العمل الرياضي الجاد والهادف.
الرياضة في نظر الاخ سبعي صالح: أخلاق قبل أن تكون لعبًا
لم يكن سبعي صالح يرى الرياضة مجرد لعبة أو وسيلة للترفيه، بل كان يعتبرها مدرسة أخلاق وتربية، تعلّم الشباب قيم الانضباط، والاحترام، والعمل الجماعي. وهذا الإيمان العميق جعله محبوبًا من الجميع، سواء من لاعبيه أو زملائه في المجال الرياضي، وحتى من منافسيه. فقد ظل طيلة مسيرته نموذجًا للمدرب القائد، الذي يهتم ليس فقط بتطوير مهارات اللاعبين ولكن أيضًا بتنشئتهم على الأخلاق الرياضية السامية.
وأجمل ما في الأخ سبعي أنه ينبذ التفرقة والجهوية، ودائمًا يؤمن بأن نجاح الرياضة يكمن في الوحدة والتكامل، حيث يردد دائمًا أن بناء فريق رياضي محترف لا يكون إلا بتكاتف الجهود ونبذ كل أشكال التمييز، فبالروح الجماعية والتعاون يتحقق التميز والتألق في عالم الرياضة.
تربية صالحة من والد صالح: الحاج محمد رحمه الله قدوة في الأخلاق والتربية
لا يمكن الحديث عن سبعي صالح دون الإشارة إلى والده الحاج محمد رحمه الله ، ذلك الرجل الصالح الذي ربّاه وأخوته على القيم الفاضلة والأخلاق العالية. بفضل هذه التربية الراقية، أصبح أغلب إخوته إطارات تخدم المجتمع والجزائر، كل في مجاله، بينما انعكست هذه المبادئ على مسيرة سبعي صالح الرياضية، حيث ظل وفيًا للقيم التي نشأ عليها، يسخّر جهوده في خدمة الشباب والمجتمع عبر الرياضة، مؤمنًا بأن النجاح الحقيقي ليس فقط في تحقيق البطولات، بل في صناعة جيل يتحلى بالمبادئ والقيم الرفيعة.
حلم الأكاديمية: مشروع رياضي ينتظر الدعم بقطعة أرض
على مدار سنوات طويلة، ظل المدرب سبعي صالح يحلم بإنشاء أكاديمية لكرة القدم بمواصفات عالمية، تكون منارة لتكوين المواهب وصقلها وفق أسس علمية ورياضية متقدمة. لقد عمل بلا كلل لتحقيق هذا المشروع، متنقلًا بين المدارس الرياضية، ومكتسبًا خبرات واسعة، ولكن ينقصه الدعم من السلطات لتخصيص قطعة أرض تُقام عليها هذه الأكاديمية، ليتمكن من تحويل حلمه إلى واقع يخدم الرياضة الجزائرية. إن مثل هذه المشاريع لا تقتصر فوائدها على الجانب الرياضي فحسب، بل تساهم في خلق بيئة إيجابية تحتضن الشباب وتوجّههم نحو النجاح.
هذه نبذة مختصرة عن المدرب سبعي صالح، رجل أفنى حياته في خدمة الرياضة، ليس بحثًا عن الأضواء أو المناصب، بل حبًا في تطوير الأجيال ونشر القيم الرياضية الراقية. لقد كان لاعبًا متميزًا، ومدربًا ناجحًا، ومسؤولًا ذا رؤية، وإنسانًا محبوبًا من الجميع. حقًا، هو شخصية تستحق التكريم، لما قدّمه من جهود وتضحيات ساهمت في رفع مستوى كرة القدم في ولاية غرداية و الجزائر، ولما زرعه من قيم ومبادئ في نفوس آلاف الشباب الذين تتلمذوا على يديه.
تحرير: سليمان رمضان