تأملات وأفكارواحة المعرفة

أين الخلل؟؟

يعم المكان هدوء احتارت منه جنبات المدرسة، هدوء ملؤه التركيز والهمة العالية، الكل منكب على ورقة الأسئلة يسبر أغوارها في يوم قيل عنه انه “يوم يكرم فيه المرء أو يهان”.

وبينما الكل كذلك رحت أطمئن على تلك البراعم الندية الطامحة للظفر بأعلى المراتب وأنفس الهدايا، منتقلا من قسم إلى آخر، فتارة أسلم على هذا وأخرى أبتسم في وجه ذاك، وأحيانا أخرى أهمس في أذن هذا بعض عبارات التحفيز والثناء…

عندها وصلت إلى قسم أندى البراعم في المدرسة – تلاميذ السنة الأولى ابتدائي – وبينما أنا أتجول بين الصفوف والكل منهمك في الإجابة على الأسئلة، أُلمح ببصري ذلك الشحرور يسترق النظر يمنة وشمالا، فحينا حارسا أستاذه وأخرى ناظرا إلى محفظته التي وضعها بين رجليه مستلا منها كتابا… وأي كتاب؟؟ إنه كتاب مادة التربية الإسلامية!! وفي أي موضوع؟؟؟ إنه موضوع الأمانة!! إنه يبحث عن إجابة لسؤال عن الأمانة وهو يخون الأمانة!! … عجبا وألف عجب…

فرحت أهمس في أذن الأستاذ بما أبصرت مقلتاي دون كسر للصمت المخيم على المكان ومن غير إحداث جلبة أو قطع للتركيز عن البراعم الأخرى، فاتخذ عندها إجراء سيأتي أكله بعد حين بإذن ربي.

لم يقف الأمر عندي في هذا الحد، فرحت أسأل نفسي… لماذا؟ ثم كيف؟ فقلت عندها:

حقا إنا ظاهرة وإن كانت لا تعدو أن تزيد عن الواحد بالمائة، ولكن ألا يحق لنا أن ندرك ماهيتها وأسبابها؟

نعم إنها “ظاهرة الغش في الامتحان” ولكن الذي استرعى اهتمامي هو كون البرعم في السنة الأولى ابتدائي!!

هنا أود طرح بعض الأسئلة على نفسي وعلى القارئ الكريم، علّنا نجد جوابا شافيا عن الظاهرة وأسبابها؟ ونضع اليد في اليد لعلاج هادئ وممنهج لها ولمثيلاتها.

  • من الذي غرس فيه هذا الخلق أو بالأحرى من الذي عززه فيه؟
  • هل درس الأمانة الذي تناوله في القسم كان مجرد عبارات ولم يلامس أرض الواقع قط؟
  • ما مدى قوة العلاقة التي تربط كلا من البيت بالمدرسة؟ وما مستوى التنسيق الحاصل بينها؟ أم أن أحدهما يبني والآخر يهدم؟

أسئلة وأخرى تجعلنا نفكر ونعيد التفكير في آليات ومناهج ترسيخ القيم في أبنائنا، إضافة إلى تزويدهم بمضادات للفيروسات تقيهم شرها…

وأخيرا أقول: أنه ومهما اجتهد الانسان في تحقيق الأسمى، يبقى الجهد البشري معرضا للزلل، ولكن عزاؤنا في هذا “من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر”…

أ. حمو بن عمر الزعبي

المصدر: موقع مدرسة تاونزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى