من وحي القلمواحة المعرفة

الألعاب الإلكترونية وصناعة القيم

انتشرت الألعاب الإلكترونية في الآونة الأخيرة انتشارا كبيرا في المجتمعات الشرقية والغربية, وقفزت قفزات عظيمة في السوق الإلكترونية العالمية وكانت صاحبة الرواج الأكبر مقارنة بوسائل الترفيه الأخرى. ودخلت معظم المنازل وأصبحت الشغل الشاغل للأطفال واستحوذت على اهتمامهم, كما أنها تعدت الأطفال إلى الكبار وأصبحت هوس الكثير من الشباب. الألوان, الرسوم, الخيال, وعنصر المغامرة, كلها أسباب تجذب الصغار والكبار على السواء.

“عندما نتحدث عن عالم الألعاب فأنه بالتأكيد يوجد لعبة لها الأفضلية بين البقية لتحتل العرش في كل جيل تكون الملكة ولكن عندما نتكلم عن أفضل لعبة مضت وأفضل لعبة في وقتنا الحالي فإنه لابد من أن تكون هذه اللعبة بالمستوى الذي يجعلها بالتأكيد لعبة لها صيتها في عالم الألعاب, حيث في كل جزء يصدر للسلسلة يصطحب معه ضجة عالمية ويحتل العرش ليكون أفضل لعبة للعام التي صدرت فيه والجهاز الذي صدرت عليه”.

“GTA” اللعبة الأسطورة..

أسطورة نقشت اسمها في عالم “الفيديو جيمز” , وهي أفضل لعبة تعطيك شعور الأجرام , فقط كل ما عليك فعله هو التخريب والقتل والتفجير دون أي قيود, بل وحتى إنها أفضل لعبة تعطيك ذالك المقدار الكبير من الحرية لفعل ما تشاء. كسر القيود والقوانين المفروضة في الواقع والحقيقة, وإيجاد بديل للعيش بكل حرية. هي الإبنة المدللة لشركة “روكستار جيمز” وهذه الأخيرة هي شركة ألعاب فيديو أمريكية مقرها نيويورك, أسست عام 1998 من طرف منتجي ألعاب إنجليز. وهي معرفة باستخدام العالم المفتوح والتجوال الحر في ألعابها.

“Vic Vance” والذي يبلغ من العمر 28 عاماً وهو عريف في الجيش الأمريكي تحت إمرة الرقيب “Jerry Martinez ” ووالدته تدعى Janet Vanc وهي مدمنة على المخدرات وشقيقه Lance Vance مدمن أيضا. من عريف في جيش إلى مدمن مخدرات خارج عن القانون شريد في شوارع المدينة, ومن تمّ إلى قاتل !أولى شخصيات اللعبة.

في أول جزء من سلسلة اللعبة وبداية أحداثها على طول أجزائها الخمسة.. مخدرات.. سرقة.. اختطاف.. قتل.. حرق.. تخريب ودمار.. المتأمل في هذه الأحداث يظهر له جليا أنها أفعال تتنافى مع قيم المجتمعات الغربية وأخلاقهم الإنسانية, فكيف بالمجتمعات الشرقية الإسلامية المحافظة ؟ لكن المؤسف أن تجد هذه اللعبة المدمرة لكل قيمة أخلاقية في الإنسان تنتشر انتشار النار في الهشيم في المجتمعات العربية وتكون اليد التي تبني أخلاقيات أبنائنا!

قد يقول قائل أنها مجرد لعبة نوع من التسلية والترفيه, وهنا نطرح سؤالا: متى كانت التسلية والاستمتاع هي قتل الآخرين وتدمير أملاكهم والاعتداء عليهم بدون وجه حق وارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها وتنمية قدرات ومهارات العنف والعدوان؟. اللعبة تلو اللعبة والجزء بعد الجزء تنساب الأفعال والحركات إلى اللاوعي دون أدنى رقيب أو محاكمة, وبعد إن تستقر هناك فليس من الصعوبة أن تظهر في سلوكيات اللاعب.

ووفقًا للعديد من الدراسات والأبحاث فإن ممارسة الألعاب الإلكترونية كانت السبب في بعض المآسي، فقد ارتبطت نتائج هذه الألعاب خلال الخمسة والثلاثين عامًا الأخيرة بازدياد السلوك العنيف وارتفاع معدل جرائم القتل والاغتصاب والاعتداءات الخطيرة في العديد من المجتمعات، والقاسم المشترك في جميع هذه الدول هو العنف الذي تعرضه وسائل الإعلام أو الألعاب الإلكترونية، ويتم تقديمه للأطفال والمراهقين بصفته نوعًا من أنواع التسلية والمتعة.

لهذا كان حتما على المربين أن يدرسوا ماهية هذه الألعاب والنظر في طبيعة ما يفد إلينا من الغير, خاصة وأن النتائج السلبية قد ظهرت ولا يخفى علينا ما في هذه الأعمال من عناصر التغريب لأنها صممت لغير بيئتنا ولغير أبنائنا .قلة مراقبة الأسر لما يشاهده أبناؤهم من الألعاب وقلة الوعي بمخاطر الألعاب الإلكترونية قد يكون السبب الأول في تدمير الناشئة, خاصة وأن هذه الأخيرة تستهدف القيم والأخلاقيات والهوية, فإذا أصيب النشء في هويته أصبحت الأمة مستعدة للتبعية وصار مستقبلها بيد أعدائها.

فالحاجة ملحة لمعرفة الآثار السلوكية والصحية والاجتماعية للألعاب الإلكترونية على الأطفال, وتوفير بدائل تتماشى مع أخلاقيات ديننا الإسلامي وقيمه. والحذر كل الحذر من أشكال هذه اللعبة التي قد تبدو في ظاهرها مجرد لعبة -وهي كذلك- لكنها عسل مدسوس سما.

                                                                                             م. كروشي

بعض المصادر:

إيجابيات وسلبيات الألعاب الإلكترونية/ د. عبدالله بن عبدالعزيز الهدلق.

أثر أفلام الكرتون في تربية الطفل/ عماد الدين الرشيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى